يكون
أقارب مرضي الفصام أكثر عرضة لحدوث المرض من الآخرين، كما يتضاعف الاستعداد
بين الأقارب المتشابهين وراثيا مع المريض. وتقترح الأبحاث التي تشمل أشخاصا
تم تبنيهم منذ الطفولة أن زيادة احتمال حدوث الفصام بين أقارب الحالات المكتشفة
يرجع لأسباب وراثية أكثر من الأسباب البيئية. ويزداد احتمال حدوث الفصام
بين أطفال المصابين به سواء تمت تنشئتهم بواسطة والديهم الأصليين أو والديهم
بالتبني.
وبالمثل فإن التاريخ العائلي لمرضي الفصام الذين تمت تنشئتهم بواسطة والديهم
بالتبنى يبين زيادة انتشار المرض بين أقاربهم الأصليين وليس بين أقاربهم
بالتبني.
نظرية
النمو العصبي:
ظهر مؤخرا رأيا يقول بأن الفصام عبارة عن اضطراب في النمو العصبي
(Weinberger 1995a)
حيث ذكر " أن السبب الرئيسي للخلل بالمخ أو العملية المرضية، يحدث خلال فترة
نمو المخ قبل ظهور المرض إكلينيكيا بوقت طويل"(Weinberger 1995b).
وتبعا لهذا الرأي، فإن المصابين بالفصام قد يعانون من شكل من أشكال خلل نمو
المخ أثناء فترة الحمل وبخاصة خلال الثلاث أشهر الوسطي للحمل.
ولأسباب عصبية حيوية مختلفة، فإن هذا الاضطراب يظهر فقط في فترة البلوغ المبكرة
عند توقيت حدوث نضجا في أجزاء محددة بالمخ، والتي تحدث بعد الولادة بفترة
طويلة، مما يجعلها غير قادرة علي التكيف مع أنواع متعددة من الضغوط النفسية
والاجتماعية وتقلبات الحياة.
وعلي الرغم من أن هذا الرأي لا يزال يثير جدلا (Canon 1997)، فإن أدلة عديدة
ومتنوعة تدعمه. وبشكل خاص، فقد تبين أن مضاعفات الحمل والولادة تضاعف من
احتمال حدوث الفصام مرتين أو ثلاث مرات، بسبب حدوث تلف في المخ النامي
(McNeil 1988; Geddes and Lawrie 1995; Godman 1988; Kendell et al. 1996).
ويبدو أن نقص الأكسجين أثناء الولادة (حرمان الجنين من الأكسجين)، والذي
يحدث في نسبة بين 20-30 % من المصابين بالفصام بالمقارنة بنسبة بين5-10%
من مجموع السكان، يلعب دورا هاما (McNeil,1988; Canon 1998)، كما يزداد احتمال
الإصابة بالفصام مع حدوث بعض مضاعفات الولادة
(McNeil, 1988; Kendell et al. 1996; Eagles et al. 1990; O'Callaghan et
al. 1992; Guenther-Genta et al. 1994).
إن احتمال تلف مخ الجنين داخل الرحم يزداد إذا أصيبت المرأة الحامل بمرض
فيروسي. وقد لوحظ أن عددا أكبر من المصابين بالفصام يولدوا في نهاية الشتاء
أو الربيع أكثر منه في أوقات أخري من العام (Torrey et al. 1988) وأن نسبة
من الذين ولدوا في هذا التوقيت يزداد معدل إصابتهم بالفصام بعد حدوث أوبئة
فيروسية مثل الأنفلونزا والحصبة والجديري المائي (Medneick et al. 1987;
O'Callaghan et al. 1991; Barr et al. 1990; Sham et al. 1992)
وبالرغم من ذلك فإن إصابة الأم بالتهابات فيروسية يمثل نسبة صغيرة فقط من
احتمالات الإصابة بالفصام (Adams et al. 1993; Wilcox and Nasrallah 1987).
خلل بالتركيب التشريحي الدقيق للمخ: تقدم صور الأشعة المقطعية وصور الرنين
المغناطيسي صورا للتركيب التشريحي الدقيق للمخ، وبواسطتها تم اكتشاف تغيرات
في التركيب التشريحي الدقيق لمخ بعض مرضي الفصام. وعن طريق صور الرنين المغناطيسي
الوظيفي وتقنيات التصوير السطحي ،التي تستعمل النظائر، مثل التصوير السطحي
للفوتون الأحادي المطلق وكذا التصوير السطحي للبوزيدرون المطلق، يمكن رؤية
التغيرات في سريان الدم وكيمياء المخ في مناطق محددة. وقد أظهرت دراسات الأشعة
المقطعية المبكرة عدم تماثل المخ والجهاز البطيني وبخاصة الذي يصيب الفصوص
الأمامية والفص الأيسر للمخ. هذا اللاتماثل، لا علاقة له بتطور أو مدة المرض
أو العلاج ولا يتقدم أثناء المرض (Vita et al. 1997). ولذلك يمكن أن يعتبر
وجوده مظهرا للأحداث التي تحدث مبكرا أثناء نمو المخ. وقد أظهرت دراسات الرنين
المغناطيسي نتائج مشابهة ((Andreasen et al. 1986. إن تلازم الخلل التركيبي
مع الأعراض أو مجموعات الأعراض يلقي دعما أقل علي الرغم من تلازم اللاتماثل
مع الأعراض السالبة (Messimy et al. 1984). وقد تبين أن الأعراض السالبة
تتلازم أيضا مع وجود ضمور في الفص الصدغي الأيسر (Turetsky et al. 1995).
وكلما وضحت التغيرات أكثر كلما زادت شدة اضطرابات التفكير وحدوث هلاوس سمعية
(Suddath et al. 1990).
وبشكل رئيسي فإن التصوير السطحي للفوتون المطلق يظهر نقصا في سريان الدم
وبخاصة في الفصوص الأمامية لأكثر من 80% من مرضي الفصام (Steinberg et al.
1995). كما يظهر التصوير السطحي للبوزيدرون المطلق صورا مشابهة من الخلل.
وقد أظهرت دراسات سريان الدم بواسطة نفس تقنيات التصوير السابقة تلازما بين
أعراض أو انماط أعراضية معينة مع وجود خلل في سريان الدم في مناطق مختلفة.
وبشكل عام فإن الأعراض الموجبة تتلازم مع الزيادة في نشاط بعض المناطق ونقصا
في نشاط مناطق أخري، بينما تتلازم الأعراض السالبة غالبا مع وجود نقص في
سريان الدم Sabri et al. 1997)). وقد بين فحص نسيج المخ بعد الوفاة للمصابين
بالفصام وجود مشاكل في بعض أنواع خلايا المخ-- الخلايا البينية الكابحة.
تقوم الخلايا البينية الكابحة بإخماد عمل الخلايا العصبية الرئيسية مما يمنعها
من الاستجابة لمعلومات أكثر غزارة. إذا جمعت هذه النتائج معا فإنها تقترح
أن الفصام عبارة عن خلل في تنظيم نشاط المخ بواسطة الخلايا البينية مما يجعل
المخ يستجيب بشكل مبالغ للمثيرات من البيئة المحيطة ويفقد القدرة علي حجب
المثيرات غير المرغوب فيها. وفي نفس الوقت يحدث نقصا في حجم الفصوص الصدغية
التي تقوم بتفعيل المعلومات الحسية فتجعل في مقدرة الشخص أن يكتسب سلوكا
مناسبا وجديدا. بينما تقدم تقنيات التصوير الحديثة التي تم عرضها في هذا
الجزء حلولا حول كيفية تأثر وظيفة المخ في الفصام، فإنها لا تعتبر رئيسية
في التشخيص أو التقييم الإكلينيكي الروتيني للمرضي.
______________________

|
|